سار SAR هو مكتب مرخص قانونا لمزاولة مهنة المحاماة والاستشارات القانونية والتمثيل القضائي والذي يقدم خدماته القانونية للعملاء في الكويت وخارجها. تأسس مكتب سار SAR لتقديم خدمات قانونية مبتكرة على قدر من الجودة في قطاع القضايا التجارية و الجنائية
حماية أقلية المساهمين وفق قاعدة الاستحواذ الإلزامي وفق قانون هيئة أسواق المال وقانون الشركات
أولا٬ شرط ٣٠٪ وفق قاعدة الاستحواذ الالزامي:
ؤتسعى قاعدة الاستحواذ الإلزامي إلى حماية أقلية المساهمين من خطر ظهور مسيطر جديد في الشركة يُخشَى منه أن يَضُر بحقوق الأقلية أو بمصالح الشركة أو أن يسيء استخدام أصول الشركة، ولقد اعتبر القانون الكويتي أن تملك أكثر من ٣٠٪ من أسهم شركة سوف يترتب عليه ظهور مسيطر جديد يتوجب معه أن يطلق الاستحواذ الإلزامي.
إن تجاوز نسبة الــــ ٣٠٪ لن يترتب عليه ظهور مسيطر جديد يستطيع القيام بالتهديدات التي سُنَّت من أجلها قاعدة الاستحواذ الإلزامي، ألا وهي إحداث تغييرات جوهرية وأساسية في نشاط الشركة، أو أن يهدد مصالح أقلية المساهمين بشكل خاص، وآية ذلك أن قانون الشركات الكويتي الجديد قد منح صلاحية القيام بالتعديلات الجوهرية التي تمس مصالح الشركة والمساهمين للجمعية العامة غير العادية وليس لمجلس الإدارة أو حتى الجمعية العامة العادية للشركة، فعلى سبيل المثال تختص الجمعية العامة غير العادية للشركة بتعديل عقد تأسيس الشركة، زيادة رأس مال الشركة وتخفيضه، بيع كل المشروع الذي قامت من أجله الشركة أو التصرف فيه، حل الشركة أو اندماجها أو تحولها، مع ملاحظة أن كل هذه القرارات يجب أن تصدر بأغلبية تزيد على نصف مجموع الأسهم وهذا ما لن يتحقق بعد تجاوز نسبة ال ٣٠٪.
ونجد أن قانون الشركات الكويتي الجديد قد تضمن حماية قوية وفعالة لأقلية المساهمين من خطر المسيطر، سواء المسيطر الحالي أو المسيطر الجديد، وذلك حين حظَر على الجمعية العامة -وفق المادة ١٨٠- زيادة أعباء المساهم المالية، إنقاص النسبة المئوية الواجب توزيعها من الأرباح الصافية المحددة بعقد الشركة أو فرض شروط جديدة غير الشروط المذكورة بعقد الشركة والتي تتعلق بأحقية المساهم في حضور الجمعية العامة والتصويت فيها، إلا بقبول جميع المساهمين كتابة وبعد موافقة هيئة أسواق المال.
على ذلك، أصدرت هيئة أسواق حديثا القرار رقم ١٦ لسنة ٢٠٢١ بشأن زيادة الأغلبية المطلوبة للموافقة على قرار الانسحاب الاختياري من البورصة، حيث كان يشترط موافقة الجمعية العامة العادية فقط أي أغلبية الحضور قبل إصدار هذا التعديل، أما الآن وبعد هذا التعديل، فيجب ألا تقل نسبة التصويت بالموافقة على الانسحاب الاختياري من البورصة عن ٧٥٪ من الجمعية العامة؛ وذلك لضمان حماية حقوق الأقلية من قرارات الجمعية العامة المستندة على موافقة الأغلبية والمجموعات المسيطرة، والتي قد تُرَتِّب إجحافا بحقوق الأقلية، بالتالي نجد أن اللائحة التنفيذية قد وضعت ضمانة قوية لأقلية المساهمين من أهم الأسلحة التي يمكن أن يستخدمها المسيطر الجديد ألا وهي الانسحاب من البورصة وحرمانهم من فرصة التداول في السوق الكويتي.
بناءً على ما سبق، فإن المستحوذ الجديد لو استطاع الحصول على ٣٠٪ وتمكن من تعيين أغلبية أعضاء مجلس الإدارة، أو من ممارسة حقوق التصويت بموجب هذه النسبة فإنه لن يتمكن من المساس بحقوق المساهمين الجوهرية والإضرار بهم، ما دام أن قانون الشركات الكويتي الجديد منح الجمعية العامة غير العادية سلطة إحداث تغييرات جوهرية وأساسية في نشاط الشركة، وليس لمجلس الإدارة أو الجمعية العامة العادية.
إن مشكلة حماية أقلية المساهمين ومصالح الشركة من المخاطر والمخاوف التي يحملها المستحوذ المستقبلي ليس سببها الرئيسي عمليات نقل السيطرة، بل قواعد قانون الشركات والحوكمة التي يفترض بها أن تكون فعالة في حماية أقلية المساهمين؛ لأنه مادامت كانت هذه القواعد لا توفر الحماية الكافية، فإنه لا يهم مدى انتقال السيطرة، لأن المساهم المسيطر -دون أن ينقل السيطرة- سيستطيع القيام بهذه المخاوف والتهديدات التي تسعى قاعدة الاستحواذ الإلزامي إلى منعها، سواء انتقلت السيطرة أم لم تنتقل.
ثانيا: سعر عرض الاستحواذ الالزامي:
إذا كان هدف قاعدة الاستحواذ الإلزامي هو ضمان توفير فرصة خروج عادلة لأقلية المساهمين، فإن هذا الهدف يرتبط وجودًا وعدمًا بسعر عرض الشراء الإلزامي الذي سيقدمه الشخص الذي يتجاوز عتبة الاستحواذ الإلزامي؛ لهذا نجد أن اللائحة التنفيذية قد اشترطت أن يكون سعر عرض الاستحواذ الإلزامي أعلى سعر قدَّمه مقدم العرض خلال الستة أشهر السابقة، أو المتوسط المرجح للسعر اليومي.
ومن جانبنا، نعتقد أن مقدم العرض يستطيع توقيت السوق أو توقيت عرضه؛ ليتفادى شرط أعلى سعر وفق قاعدة الاستحواذ الإلزامي، فيستطيع على سبيل المثال أن يشتري ١٠ ٪ من أسهم الشركة بقيمة دينار للسهم، وبعد ستة أشهر يشتري ٢١ ٪ من أسهم الشركة بنصف دينار للسهم، ووفق هذا الافتراض، سينطلق عرض الاستحواذ الإلزامي، لكن سيكون نصف دينار وليس دينارًا؛ لأن هذا هو أعلى سعر قدمه خلال الستة أشهر السابقة، وهذا سيترتب عليه أن الحصة التي نقلت السيطرة لن تكون بذات السعر بل بسعرين مختلفين، وأن الأقلية لن تحصل على العلاوة السعرية.
وكيف يمكن ضمان السعر العادل إذا ما اتفق مقدم العرض مع المساهم المسيطر على شراء حصته بأقل من القيمة السوقية، دون أي علاوة سعرية أو بأقل من القيمة السوقية لأي اعتبار تجاري، ووفق هذا الافتراض سينطلق الاستحواذ الإلزامي لكن دون أن يعكس القيمة العادلة وها ما سيترتب عليه عدم مشاركة الأقلية في عرض الاستحواذ؛ لأن عرض الشراء الإلزامي فشل في ضمان السعر العادل لأقلية المساهمين.
ثالثا: الإفصاح عن عرض الاستحواذ الالزامي:
بالنظر إلى المادة الثانية من الفصل الثالث من الباب التاسع (الاستحواذ والاندماج)، نجد أن اللائحة التنفيذية ألزمت مقدم عرض الاستحواذ الإلزامي بالإفصاح عن التزامه بتقديمه مستند عرض الاستحواذ، دون أن تشترط هذه المادة أو المادة التي تليها -والتي تناولت محتويات مستند عرض الاستحواذ- أن يفصح مقدم عرض الاستحواذ الإلزامي عن أهدافه وخططه التجارية في الشركة وفق عرض الاستحواذ الإلزامي، الأمر الذي سيترتب عليه عدم تمكن أقلية المساهمين من اتخاذ القرار الاستثماري الصحيح بالمشاركة أو عدم المشاركة بعرض الاستحواذ الإلزامي، فإذا كان لدى مقدم العرض أهدافٌ تجاريةٌ عاليةُ المخاطر، فسوف تشارك الأقلية بعرض الاستحواذ الإلزامي والعكس صحيح.
وبالنسبة للواقع العملي لدولة الكويت، فإن هذه المشكلة ظهرت في عام ٢٠١٦، عندما استحوذت شركة اديبتو الإماراتية على نسبة ٦٧٪ من شركة أمريكانا الكويتية، ونتيجة لهذه الصفقة، انطلق عرض الاستحواذ الإلزامي دون أن يفصح المسيطر الجديد عن نيته ورغبته بالانسحاب من بورصة الكويت إلا بعد انتهاء فترة الاستحواذ الإلزامي، وقد ترتب على ذلك أن أقلية المساهمين فقدوا فرصة تداولهم في بورصة الكويت، وأهم من ذلك أنهم لم يستفيدوا من حماية الاستحواذ الإلزامي.
ومن القوانين التي نصت بشكل صريح ومباشر على وجوب إفصاح مقدم عرض الاستحواذ عن مخاطر انسحابه من البورصة بعد تنفيذ عرض الاستحواذ، هو القانون الصيني، حيث إن الفقرة الثانية من المادة ٢٩ من لائحة الاستحواذ نصت بشكل صريح ومباشر على أنه يجب أن يفصح مقدم عرض الاستحواذ عن مخاطر انسحابه من البورصة بعد تنفيذ عرض الاستحواذ، فضلا عن أن الفقرة الأولى من هذه المادة اشترطت على مقدم العرض أن يفصح عن خططه وأهدافه التجارية نحو الشركة وأصولها، والتعديلات التي سيقدمها على عقد الشركة.
المحامي الدكتور/ فهد الشمري
أستاذ القانون التجاري المشارك بجامعة الكويت