خدماتنا

المدونة

الجزاءات المالية الصادرة من مجلس التأديب وفق قانون حماية المنافسة المشروعة الكويتي الجديد

الجزاءات المالية الصادرة من مجلس التأديب وفق قانون حماية المنافسة المشروعة الكويتي الجديد

 

الجزاءات المالية الصادرة من مجلس التأديب وفق قانون حماية المنافسة المشروعة الكويتي الجديد

 د. فهد نعمه الشاهر الشمري

أستاذ القانون التجاري بجامعة الكويت

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 نصت المادة ٣٤ من قانون حماية المنافسة الكويتي الجديد على أنه يجوز لمجلس التأديب فرض جزاءات مالية على المخالف بنسبة لا تجاوز عشرة في المائة (10%) من إجمالي الإيرادات التي حققها الشخص المعني خلال السنة المالية السابقة في حال مخالفة أحكام المواد أرقام (5 و6 و7 و8) من هذا القانون، وذات الحكم ينطبق في حال مخالفة المادة ١٢ من ذات القانون، وكذلك في حال تضمن طلب التركز الاقتصادي بيانات مضللة.

وبالنظر الى التطبيق العملي لهذه المادة، نجد أن مجلس التأديب في جهاز حماية المنافسة يفرض جزاء مالي على الشخص المخالف باستخدامه للحد الأقصى للعقوبة الواردة في عجز المادة ٣٤ من القانون، ولهذه التطبيق العملي لهذه المادة عدة مثالب من وجهة نظرنا:

أولا: يجب أن يكون هناك تطبيق لمبدأ التناسب The Principle of Proportionality من قبل مجلس التأديب والذي يقتضي التثبت من العلاقة بين الضوابط و موجباتها حيث لا يمكن أن تتجاوز هذه الضوابط ما هو ضروري فعلا لاحترام المصلحة الاقتصادية والتجارية المرجوة من راء تحديد النسبة المالية الملائمة لإيقاع الجزاء المالي على المخالف لقانون المنافسة المشروعة. وأهم مرحلة من مراحل التناسب هي مرحلة التثبت من التناسب في معناه الضيق وهي مرحلة تستدعي التساؤل ما اذا كان الحد الأقصى للعقوبة مبالغ فيه مقارنة بالهدف المراد حمايته؟ بمعنى اذا كان عدم تطبيق الحد الأقصى من العقوبة قادرا على تحقيق الهدف المنشود دون ان يتجاوزه، فهنا يجب البحث عن التناسب أو الموازنة بين الاثار السلبية للحد الأقصى للعقوبة على السلطة التقديرية الممنوحة لمجلس التأديب بتوقيع الحد الأقصى للعقوبة وبين النتائج الإيجابية من وراء ذلك وذلك بالنظر الى الهدف المراد حمايته فالسؤال سوف يكون كالتالي: هل الاثار السلبية بتوقيع الحد الأقصى للعقوبة على المخالف هو بقدر أهمية الاثار الإيجابية التي تحققها الحد الأقصى للعقوبة للحفاظ على المصلحة العامة الاقتصادية والتجارية في دولة الكويت؟

وقد تم اعتماد فحص التناسب لصالحية الإجراءات الإدارية التي تتخذها الجهات الحكومية أول مرة في جمهورية ألمانيا عام 1870 م، وقصد به أنه ينبغي ألا يكون التدبير المتخذ غير متناسب؛ ويقوم هذا المبدأ على الفكرة المنطقية أنه عندما تتصرف الجهات الإدارية الحكومة، فإنه يجب أن تكون الوسائل  التي تختارها جيدة لتحقيق الغايات التي تسعى إليها وهي تحقيق المصلحة العامة.  انظر الى: (Jud Mathews. n.d, Proportionality Review in Administrative Law)

ثانيا: نحن نتفق بأن استخدام مجلس التأديب لهذه الصلاحية هي بسبب الصلاحية التشريعية التي منحها القانون له وأنه لم يفرض عليه أية قيد لاستخدام الحد الأقصى عند إيقاع العقوبة المالية على المخالف، لكن وفي حقيقة الامر إن السلطة التقديرية الممنوحة لمجلس التأديب لا تعني بأنها سلطة تحكمية تمارس خارج نطاق المشروعية، وانما هي سلطة تجد حدها الطبيعي في العلة القانونية التي أملتها وهي المصلحة العامة الاقتصادية والتجارية من وراء توقيع الجزاء المالي على الشخص المخالف لقانون المنافسة، وهذا ما يترتب عليه أن استخدام مجلس التأديب للحد الأقصى للجزاء المالي استنادا الى الصلاحية الممنوحة له يجب أن تكون لتحقيق غايات محددة التي من أجلها تم منحها هذه الصلاحية وهي حماية المصلحة العامة في البيئة التجارية الكويتية وليس الاضرار بالأشخاص المخالفين و التأثير على نشاطهم التجارية بسبب ارتكاب مخالفة. من هذا المنطلق، اذا كان مصطلح المصلحة العامة  بشكل عام مصطلح فضفاض و مرن، الا أن المصلحة  العامة وراء سن قانون حماية المنافسة المشروعة الجديد محددة قانونا، حيث أن المشرع وضع أهداف محددة و واضحة ومعينة يسعى لتحقيقها من وراء سن قانون حماية المنافسة الجديد في المذكرة الايضاحية ألا وهي تحقيق التوازن بين مبدأ حرية التجارة ومبدأ ضبط حرية السوق بما يكفل تحقيق الصالح العام، وهذا ما يستدعي طرح السؤالين التاليين: هل توقيع جزاء مالي على المخالف بنسبة تقل عن ١٠٪ لن يحقق الهدف والغاية التي يسعى القانون لتحقيقها؟ ما هو المعيار الفني والمالي المعتمد من قبل مجلس التأديب عندما قرر استخدام الحد الأقصى للجزاء المالي على المخالف لتحقيق أهداف القانون كما نصت المذكرة الايضاحية؟

ثالثا: إن توقيع الحد الأقصى للعقوبة على المخالف لن يحقق الهدف والغاية من قانون المنافسة المشروعة في جميع الحالات، وسبب ذلك أن تطبيق جزاء مالي بنسبة لا تجاوز عشرة في المائة (10%) سيكون من إجمالي الإيرادات وليس من صافي الربح ( أي قبل خصم أي نفقات أو تكاليف مطلوبة)، وهذا ما سوف يترتب عليه شل الشركة تجاريا بل اعدامها واقصائها من السوق المعنية لمجرد ارتكابها لمخالفة لقانون المنافسة لان الجزاء قد وقع على الإيرادات وليس صافي الربح، مع الأخذ بالاعتبار الى حجم السوق الكويتي والرغبة في تنويع الوحدات الاقتصادية في دولة الكويت بعيدا عن الاعتماد على النفط، فهنا السؤال، هل الهدف و الغاية من قانون المنافسة هو اقصاء الشركة من السوق بسبب ارتكاب مخالفة أم ضبط المنافسة العادلة بالسوق مع ردع المخالفين بجزاءات مالية منطقية تتناسب مع المخالفة المرتكبة وذلك وفقا لمبدأ التناسب؟

وقد يرى البعض أن توقيع الحد الأقصى على الشخص المخالف لن يؤثر عليه وعلى نشاطه المالي لأن يستطيع الاستمرار بممارسة نشاطه خصوصا اذا كانت الشركة كبيرة وتحقق إيرادات ممتازة. وفي حقيقة الامر نجد أن مثل هذا القول يفتقر الى الدقة وعدم الالمام بالنشاط التجاري، وسبب ذلك أن الشخص المخالف – الشركة – ملتزمة بالسعي دائما نحو تعزيز أرباح المساهمين و استغلال أي فرصة تجارية متاحة أمامها لتحقيق أعلى معدل ربح للمساهمين. وبذلك، ان خصم نسبة ١٠٪ من إيرادات الشركة بسبب مخالفة لقانون المنافسة سوف يترتب عليه ضرر مفترض على الشركة، حتى وان استمرت بتحقيق الأرباح، لأن الشركة لو لم يتم خصم هذه النسبة المرتفعة عليها لحققت أعلى معدل من الأرباح الذي يسعى المساهمين في الحصول عليه.

خامسا ومن حيث صياغة المادة ٣٤ من قانون المنافسة المشروعة، نجد إن الجزاء المالي الذي يقع على الشخص المخالف سوف يكون عن السنة المالية السابقة في حال مخالفة أحكام المواد أرقام (5 و6 و7 و8) وهذا أمر معيب تشريعيا، حيث أن الجزاء المالي يجب أن يكون منصبا على إيرادات المنتج خلال فترة المخالفة، وهذا أمر في غاية الأهمية، لان المخالفة قد لم تقع خلال سنة مالية كاملة، أو ان النشاط المحظور الذي قام به الشخص المخالف لم يدر عليه أرباح خلال السنة المالية الكاملة، بمعنى أن الشخص المخالف قد مارس النشاط المحظور لفترة شهر أو أقل فقط. وهذا ما نص عليه قانون المنافسة المصري الجديد. علاوة على ذلك، نجد إن قانون المنافسة المشروعة الكويتي الجديد لم يحدد الحد الأدنى للجزاء المالي على المخالف، وهذا ما سوف يترتب عليه أن مجلس التأديب هو من سوف يقرر الحد الأدنى دون أي أساس اقتصادي أو تجاري ودون أي تطبيق لمبدأ التناسب بين العقوبة والمخالفة الذي سبق تناوله في هذه المقالة.

د. فهد نعمه الشاهر الشمري

أستاذ القانون التجاري بجامعة الكويت

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الاكثر قراءة ..

من نحن

mmd

سار SAR هو مكتب مرخص قانونا لمزاولة مهنة المحاماة والاستشارات القانونية والتمثيل القضائي والذي يقدم خدماته القانونية للعملاء في الكويت وخارجها. تأسس مكتب سار SAR لتقديم خدمات قانونية مبتكرة على قدر من الجودة في قطاع القضايا التجارية و الجنائية

للأتصال بنا

للتواصل معنا :

0096596999872 - 0096522331988

0096550068375

info@sarlawfirm.com